الجزء الخامس
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
القسم الثانى عصر ما بعد الفترة القديمة للأدب الإسلامى
من نحو سنة 400 هـ/1010 م إلى نحو سنة 656 هـ/1258 م
مقدمة
اضمحل الأدب العربى الذى كان مزدهرا فى العراق فى ظل سيادة العباسيين باضمحلال قوتهم السياسية، و ما ارتبط بذلك من تدهور الثقافة العامة.
ففى الشعر تجمدت الحياة التى كان يعيشها الأدباء المنطلقون فى القرنين الثانى و الثالث للهجرة، تحت تأثير النقد اللغوى، فى قالب القصيدة، ذلك القالب الذى كان يغرى أكثر فأكثر بمحاكاة النماذج الشعرية القديمة.
و لم ينقطع سلطان أسلوب القصيدة الجامد فى الفن الشعرى. و ينطبق على كثير من الشعر النقد الذى وجهه القاضى أبو الحسن الجرجانى إلى الأستاذ الطبرى (أحسن ما سمعت للثعالبى ص 52) : «إذا ما هزّت أبياته، تفرقت و طار كل واحد منها إلى صاحبه» .
غير أنه ظهر إلى جانب هذا بعض الأشكال المتحررة. حقّا لم نسمع إلا القليل جدا من الأدب العامى الحقيقى، كالأغانى التى كان يغنيها العامة فى بغداد فى تجولهم بالحارات فى ليالى شهر رمضان (المثل السائر لابن الأثير 46 س 4) أو أغانى الحب و الخمر التى يناقشها ابن الجوزى فى تلبيس إبليس (241 س 10 و ما بعده) ، أو أبيات الهجاء التى قيلت فى عماد الدين فى عام 579 هـ/1183 م، و التى يذكرها ابن شداد فى النوادر السلطانية 283 س 4 غير أنه لم تؤثر قوالب الشعر العامى إلا تأثيرا نادرا على العمل الفنى للأدباء.