الجزء الثاني
حرفُ الرّاء
الراء مع الهمزة
[رأي]*:
النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم)- إن قوماً من أهل مَكَّة أسلموا فكانوا مقيمين بها قبل الفَتْح، فقال: أنا بريء من كلِّ مسلم مع مشرك، قيل: لم يا رسول اللّٰه؟ قال: لا تَراءى ناراهما.
إنه يجب عليهما أن يتباعد منزلاهما بحيث إذا أوقدتْ فيهما ناران لَمْ تَلُحْ إحداهما للأخرى. و إسناد التَّرائي إلى النارين مجاز، كقولهم: دور بني فلان تتناظر.
و التَّرائي: تَفَاعُل من الرُّؤية، و هو على وجوه: يقال تراءى القومُ إذا رأى بعضُهم بعضاً، و مثال ما نحن فيه قوله تعالى: فَلَمّٰا تَرٰاءَا الْجَمْعٰانِ [الشعراء: 61].
و تراءى لي الشيءُ؛ أي ظهر لي حتى رأيتُه. و تراءى القومُ الهلالَ؛ إذا رأَوْه بأَجْمعهم.
و من هذا
قوله (صلى اللّه عليه و سلم): «إن أهْل الجنة ليتراءون أهلَ علِّيين كما تَرَوْن الكوكب الدُّرِّي في أفق السماء، و إن الحَسَنَيْن منهم و أنْعَمَا»
. كلمة نعم: استعملت في حَمْد كل شيء و استجادَتِه و تَفْضِيله على جِنْسِه، ثم قيل: إذا عَمِلْتَ عملًا فأنْعِمْه، أي فأجِدْه و جِئْنِي به على وجه يُثْنَى عليه بِنِعْمَ العملُ هذا. و منه: دَقّ الدّواء دَقًّا نِعما، و دقّه فأَنْعَم دَقَّه، و منه قول ورقة بن نوفل في زيد بن عمرو بن نفيل:
رشدت و أنعمَت ابن عَمرو و إنما * * *تجنَّبت تَنوُّراً من النّار حاميا
أي أجدت وزدت على الرّشد.
و منه
قوله (صلى اللّه عليه و سلم): و أنْعَما
، أي فضلَا، و زادا على كونِهما من جملة أهل عِلِّيّين. و عن الفَرَّاء: و دخلا في النَّعيم.
____________
(1) (*) [رأى]: و منه حديث أبي البختري: تراءَينا الهلال. و منه حديث رَمَل الطواف: إنما كنا راءَينا به المشركين. و الحديث: أنه خطب فرُئيَ أنه لم يُسْمع. و في حديث عثمان: أُراهم أراهُمُني الباطل شيطاناً. و في حديث حنظلة: تُذَكِّرُنا بالنار و الجنة كأنَّا رأْي عين. و في حديث الرؤيا: فإذا رجل كريه المرأة. و الحديث: حتى يتبين له رِئْيهما. و في حديث عمر و ذكر المتعة: ارتأى امرؤٌ بعد ذلك ما شاء أن يرتئي. النهاية 2/ 177، 178.