(إجماعاً في اليومية) و منها الجمعة إجماعاً نصاً و فتوى.
(و الحكم) بالاستحباب دون الوجوب (في الإقامة لا يخلو من إشكال) لعدم الدليل على الاستحباب، بل ظاهر الروايات الدالة على الأمر بها و تشديد التأكيد فيها من غير معارض، هو الوجوب كما سيتضح لك.
(و قيل بوجوبهما في بعض الصلاة [1]) لا سيما صلاة الجماعة و الصلاة الجهرية، و خصوصاً الغداة و المغرب.
و في المسألة أقوال عديدة تطلب من مطولات (أصحابنا (رضوان الله عليهم).
(و دليله) أي دليل الوجوب (في الأذان محمول على التأكيد) على الإتيان به و عدم إهماله (جمعاً) بينه و بين ما دل على الاستحباب.
(و أما في الإقامة فلم نقف له) أي لذلك الدليل الدال على وجوبها (على معارض) من الأخبار (و منه) أي و من عدم وجود المعارض لما دل على الوجوب.
(نشأ الإشكال) المشار إليه آنفاً فإن جملة من الأخبار المستند إليها في الاستحباب إنّما دلت على سقوط الأذان خاصة، و لم يتضمن شيء منها سقوط الإقامة بل اشتملت على فعلها، مضافاً إلى الأمر بها في كثير من الأخبار الأخر، بل ربما ظهر من بعضها الوجوب.
و غاية ما استندوا إليه في القول باستحبابها لزوم خرق الإجماع المركب كما ذكروه في (المختلف).
فإن العلماء فيها على (قولين): أحدهما: الاستحباب في جميع المواطن.
و ثانيهما: وجوبهما معاً في بعض الصلوات، فالقول باستحباب الأذان في جميع المواطن، و وجوب الإقامة في الجميع خرق للإجماع المركب.
و فيه ما لا يخفى فإن حجية هذا الإجماع المتناول و المتناقل بينهم مما لا يقيم عندنا دليل عليه [2].
و من هنا نشأ الإشكال في الحكم بالاستحباب في الإقامة، و سيأتي ما يؤيده أيضاً.
(و يستحب فيهما الطهارة و القيام و الاستقبال) بأن لا يؤذن و لا يقيم إلا متطهراً قائماً مستقبلًا.
(و في الإقامة هنا أيضاً الإشكال) المتقدم ذكره، فإن الأخبار الدالة على جواز الأذان للمحدث و غير المستقبل و غير القائم قد منعت من الإقامة كذلك في (صحيحة عبد الله بن سنان)
[لا بأس بأن تؤذن و أنت على غير طهر و لا تقم إلا و أنت على طهر].
و مثلها رواية (الحلبي و رواية إسحاق بن عمار) و إلى وجوب الطهارة فيها ذهب (المرتضى و العلامة في المنتهى).
و الروايات الدالة على ذلك أكثر من أن يسعها المقام.
و مما يدل على اشتراط الاستقبال فيها قوله (عليه السلام) في رواية (سليم [3] بن صالح)
[و لا يقيم أحدكم و هو ماشي و لا راكب و لا مضطجع إلا أن يكون مريضاً و ليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة فإنّه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة].
و في (صحيحة زرارة)
[تؤذن و أنت على غير الوضوء في ثوب واحد قائما أو قاعداً، و أينما توجهت و لكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئاً للصلاة]
[4].
و في (صحيحة محمّد بن مسلم) قال
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يؤذن الرجل و هو قاعد؟ قال: [نعم و لا يقيم إلا و هو قائم]
إلى غير ذلك من الأخبار الخالية من المعارض في هذا المضمار.
(و الترتيل فيه) أي و يستحب الترتيل فيه (و الحدر فيها).
ففي رواية (الحسين ابن أبي العلاء)
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: [الأذان ترتيل و الإقامة حدر].
و ترتيل: بيان الحروف و إطالة الوقوف و الحدر: الإسراع بأن يقصر الوقوف على أواخر الفصول لا أن يترك بالكلية.
(و ترك إعرابهما) أي و يستحب ترك إعرابهما، لأنّه يلزم من استحباب
____________
[1] في نسخة ع في بعض الصلوات.
[2] في نسخة ع مما لم يقم عندنا.
[3] في نسخة م سليمان.
[4] في نسخة م متهيئاً لله للصلاة.