الحدّ و المحدود فلا إشكال و قيل في دفعه بأن السّبب المبحوث عنه هنا هو السّبب الذي مقدّمة للواجب و الأسباب الشرعية مقدمات للأحكام و للعلم بصدورها فخرجت عن المحدود و فيه (أولا) أنّه خلاف ما صرّحوا في الباب من تقسيم المقدّمة إلى مقدّمة الوجود و مقدّمة الوجوب و دعوى كون المبحوث عنه هو الأوّل كما في القوانين منافية لذلك كما لا يخفى و من قال بأن المبحوث عنه هو الأوّل أراد البحث عن الوجوب لأنّ المراد بالسّبب الّذي عرّفوه هو الأوّل و شتان ما بينهما فلا تغفل (و ثانيا) بأن الواجب قد يكون له سبب شرعي كالبيع و النكاح و أمثالهما إذا عرض لها الوجوب فالنقض بحاله فتدبّر و يشكل بأن إطلاق السّبب على المقتضي التام الشرائط حتى عدم المانع غير معهود بينهم بل الظّاهر عدم كونه مرادا هنا كما يشهد عليه كلام المرتضى (قدّس سرّه) أيضا و أمّا السّبب بالمعنى الثاني و هو المقتضي التام الشرائط إلاّ عدم المانع فلا ينطبق عليه التعريف المذكور لأنّ قولنا يلزم إن كان لدوام الملازمة فلا يصدق عليه بل عرفت اختصاصه بالمعنى الأوّل و إن كان لثبوت الملازمة في الجملة فيشمل السّبب بالمعنى المذكور إلاّ أنّه صادق على المقتضي الفاقد للشرائط أيضا مضافا إلى أنّه إطلاق غير معهود أيضا و لا يساعده كلمات المفصّلين بين الشرط و السّبب و إن وافقه كلام السّيد (رحمه الله) بل لا يستقيم إلاّ به و أمّا بالمعنى الأخير و هو ذات المقتضي أعمّ من التام و الناقص فيظهر من المحقق القمّي (رحمه الله) أنّه المراد من السبب المبحوث عنه و هو لا يوافقه كلام السّيد (رحمه الله) و المفصل إلاّ أنّها أوفق بما هو المعهود من الاصطلاح حسبما مرّ من إطلاقه تارة على العلّة التامة المركّبة من الأجزاء و الشرائط و أخرى على ذات المقتضي فإذا تعذّر الأوّل للوجوه المتقدّمة تعين الثاني و هو ذات المقتضي سواء كان تامّا أو لا و حينئذ فلا بدّ من انطباق الحدّ عليه و لا يكاد ينطبق و لو زيد عليه قيد لذاته كما فعله المحقق القمّي (رحمه الله) لأنّه إنما ينفع في دفع بعض الإيرادات و هو النقض بالمقتضي الجامع المانع دون النقض بالفاقد للشرائط إذ لا اقتضاء له لا بالذات و لا بالعرض لأنّه إنما يؤثر و يقتضي مع اجتماعه مع الشروط و اقترانه بها فلولاها لم يؤثر شيء اللّهم إلا أن يقال إنّ قولنا يلزم معناه ثبوت الملازمة في الجملة لا دائما فلا ينتقض عكسا فإن ذات المقتضي يلزم من وجوده الوجود في الجملة و أحيانا كما هو واضح فتدبّر و تنقسم أيضا إلى المعدّ و غيره كالخطوات فإنّ كلّ خطوة مقدّمة معدية و عرفوا المعدّ بما يلزم من كلّ من وجوده و عدمه المطلق العدم فيعتبر كلّ من وجوده و عدمه في الوجود و هذا التقسيم غير مرضي عندنا و ليس على ما ينبغي (أمّا أوّلا) فلأنّ عدمه من المقارنات لا من المقدّمات كاللّوازم (و أمّا ثانيا) فلاستلزامه صيرورة قسم الشيء قسيما له إذ لا يخفى أن المعدّ من الشروط و ينطبق عليه تعريفه لأنّه يلزم من عدمه العدم و لا يلزم من وجوده الوجود فهذا التقسيم مما لا جدوى فيه و إن أبيت إلا عنه فقسم الشرط إلى معد و غيره لا أن تقسم المقدّمة إلى شرط و سبب و إلى معد و غيره كما فعلوه فإنّ فيه المحذور المذكور و ربما قسم إلى وجوديّ و عدمي و يرد عليه ما أوردناه من كون القسم قسيما لأنّه داخل في الشروط و ينطبق عليه تعريفه و دعوى أنّ الموصول يتبادر إلى الوجودي لا يلتفت إليها فإن الموصول هنا عبارة عن الشيء و هو صادق على العدمي على حد صدقه على الوجودي مع أن المقدّمة لا يتبادر منها الوجودي فكيف يتبادر الموصول مع أن هذا التقسيم لا يتم إلاّ على أن يكون ترك الضد مقدّمة إذ لولاه انحصر المقدمة في الوجودي نعم عدم المانع مقدّمة و لكن الجمع بينه و بين ترك الضد كما فعله بعض غير مستقيم و الأولى تقسيم المقدّمة أولا إلى شرط و سبب و الشرط إلى معد و غير معد ثمّ غير المعد إلى وجودي و عدمي و قسّموها أيضا إلى ما كان مقدّما على المشروط أو مؤخّرا أو مقارنا و مقتضى ما تقرر في محلّه من أن العلّة لا توثر في إيجاد المعلول إلاّ بعد اجتماع مجموع أجزائها و شرائطها هو بطلان هذا التقسيم إذ على هذا لا يعقل كون الشرط مثلا مقدّما على المشروط أو مؤخرا عنه و لذلك وقعوا في الحيص و البيص في رفع الإشكال عن الشرط المتأخّر و
المتقدّم بما لسنا بصدد بيانه في الحال و يتضح لك إن شاء الله تحقيق الكلام حيث ما يقتضيه المقام و تنقسم أيضا إلى ما يتحد مع ذبها في الوجود و إلى ما لا يتحد معه و هذا التقسيم و إن لم يكن مصرحا به إلا أنّه يستفاد من كلام المحقق القمّي (رحمه الله) في ردّه على صاحب المعالم حين ادّعى أن النزاع في السّبب قليل الجدوى لأن تعلّق الأمر بالمسببات نادر حيث قال بعد دعوى كثرة تعلّق الأمر بالمسببات أيضا إنّ الفرد إنّما هو السّبب لوجود الكلّي و فيه أن السّبب من أجزاء العلّة و من الواضح لزوم المغايرة بين العلّة و المعلول في الوجود فهما موجودان بوجودين لا بوجود واحد و إلاّ لزم توقف الشيء على النّفس و لا مغايرة بين الكلّي و بين الفرد في الوجود الخارجي كما لا يخفى و تنقسم أيضا إلى ما يتوقف عليه وجود الواجب و إلى ما يتوقف عليه العلم بوجوده هكذا اذكروا و لكن الحق أنّ هذا التقسيم غير حاضر فإن التوقفين قد يجتمعان فيتوقف عليه وجود الواجب و العلم به كغسل شيء من العضد فإنّه مقدّمة لغسل المرفق إذ هو لا يكاد يتحقق عادة إلاّ بغسل شيء