لمصاب العلامة العلم المهدي # من بحر علمه لا يجارى
خلف الأنبياء زبدة كل # الأصفياء الذي سما ان يبارى
واحد الدهر صاحب العصر ماضي # الأمر في كنه ذاته الفكر حارا
كيف يسلوه خاطري و به قمت # مقامي و فيه ذكري طارا
كيف ينفك مدحه عن لساني # و هو لولاه في فمي ما دارا
و ارتضاني أخا له منة و الرق # شاني إذا أردت اعتبارا
خصني بالجميل من بعد ان عمم # البرايا-و طبق الاقطارا
و حباني عزا به بعد ذل # و كساني جلالة و وقارا
ما هديت الرشاد لولاه و الأحكام # لم أدرها و لا الاخبارا
من ترى يدفع الملمات أو يصرف # صرف الزمان ان هو جارا
سيدي ماتت العلوم و وارى الدين # في الرمس من لك اليوم وارى
من يرد اليهود ان ابرزوها # مشكلات بردها الكل حارا
كنت تتلو توراتهم فيردون # عن الغي للهدى استبصارا
من لاعلام مكة و جماهير # الحجاز انتحوا إليك بدارا
طالبين الحجاج و الكل قد ثقف # للبحث املدا خطارا
فحججت الجميع بالحجج الغر # فدانت لك الخصوم صغارا
و لكم معجز بهرت به الخلق # به حالك الظلام أنارا
صدني ان أقول أنت نبي # أودع الله كنهه الاسرارا
ان رب العباد قد ختم الرسل # بطه المختار جل اختيارا
سيدي نجلك الرضا مستطار # القلب لا يستطيع قط قرارا
كيف أزمعت غيبة قبل ان ياتي # فيطفى كل بكل أوارا
وقعة الخميس
و هي مساجلة ادبية حصلت في عهد السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي و نظم فيها شعراء ذلك العصر و سميت باسم وقعة الخميس التي جرت بصفين -زيادة في الظرف و المطايبة-و ذلك لقول المترجم في أبياته الآتية-
يريك بأيام الخميس مودة
-البيت و نقلها فضلاء ذلك الزمان في مجاميعهم من العراقيين و العامليين و غيرهم و اشتهر أمرها و شاع ذكرها و قد رأيناها في بعض المجاميع العاملية المخطوطة التي كتبت في ذلك العصر كما رأيناها في عدة مجاميع عراقية مخطوطة و اثار هذه الوقعة المترجم و هذا تفصيلها: كان بين الشيخ محمد بن الشيخ يوسف من آل محيي الدين العاملي النجفي و بين السيد محمد بن السيد زين الدين الحسيني المعروف بالسيد محمد زيني النجفي -و كلاهما من أدباء ذلك العصر-مودة تامة اكيدة ثابتة و كان المترجم في بغداد فأرسل هدية إلى السيد محمد زيني و كتب معها رقعة فيها هذه الأبيات معتذرا عن الهدية و معرضا بالشيخ محمد ابن الشيخ يوسف طالبا من السيد محمد زيني -على سبيل المطايبة-العدول عن صحبة ابن محيي الدين و مصادقته إلى صحبته هو و مصادقته و الا فإلى صحبة الشيخ محمد رضا النحوي أحد شعراء ذلك العصر و مصادقته و هذه هي أبيات المترجم:
لساني أعيا في اعتذاري و ما جرى # و ان نال حظا في الفصاحة اوفرا
و لو انني أهديت مالي بأسره # و مال الورى طرا لكنت مقصرا
و لكنني شفعت في مودتي # و محضي للإخلاص سرا و مجهرا
فدع عنك شيخا يدعي صفو وده # فما كل من يرعى الأخلاء جعفرا
105 يريك بأيام الخميس مودة # و في سائر الأيام ينسخ ما ارى
فلا تصحبن غيري فانك قائل # بحقي كل الصيد في جانب الفرا
و لو رمت من بعدي و حاشاك صاحبا # فإياك ان تعدو الرضا خيرة الورى
فتى شارع للصحب أوضح منهج # و جار مع المصحوب من حيث ما جرى
و ان تهجر المجموع منتظرا لنا # لبست من الأثواب ما كان أفخرا
فلما وقف الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف على الأبيات كتب في الجواب إليه مستنجدا السيد مهدي الطباطبائي و طالبا المحاكمة مع الشيخ جعفر عنده فقال:
الا من لخل لا يزال مشمرا # لجلب وداد الخلق سرا و مجهرا
أحاط بود الجن و الإنس و انثنى # بابهى سنا الأملاك ودا و ابهرا
و نال من الرحمن أسنى مودة # فيا لك ودا ما أجل و اكبرا
يجاذبني ود الشريف ابن هاشم (احمد) # سلالة زين الدين نادرة الورى
و هيهات ان يحظى بصفو وداده # و ان كان بحرا في العلوم و جعفرا
أ مستجلبا ود الرجال لسانه # أظنك ألهمت الطماعة اصغرا
تروم محالا في طلابك رتبة # بها خصني الباري و أكرم من برا
فمهلا أبا موسى سيحكم لي الرضا # و تكسب بالالحاح انك لن ترى
الا فاجتهد ما شئت في نقض خلتي # فمحكم ابرامي يريك المقصرا
فيا أيها المولى الخليط الذي بغى # سينصفني المهدي منك فتحصرا
فقم سيدي للحكم انك اهله # فديتك انصفني فقد أحوج المرا
فقال السيد مهدي الطباطبائي في الجواب:
أتاك كوحي الله أزهر انورا # قضاء فتى باريه للحكم قد برى
فتى ليس يخشى فيه لومة لائم # إذا ما رعى عرفا و أنكر منكرا
يوازر مجنيا عليه إذا شكا # و ينصره في الله نصرا مؤزرا
محمد يا ذا المجد لا تبتئس و لا # يروعن منك القلب شيخ تذمرا
فما ذاك الا من نوادره التي # عرفن له مذ كان أصغر اكبرا
و انك اولى الناس كهلا و يافعا # بحبك نجل الطاهرين المطهرا
سمي وفي صادق الود و الهوى # خصيص به قد قسم الود في الورى
كفتك شهادات الخميس على الولا # ترد خميسا عنك ما كر ادبرا
و ليس ببدع ذاك فالخلطاء كم # جرى بينهم من بغيهم مثلما جرى
و في مثل هذا الحكم داود قد قضى # على صاحبيه إذ عليه تسورا
و ما كان هذا بالذي يمترى به # و للنص حكم لا يدافع بالمرا
فخذ يا سمي الطهر جعفر صادقا # من القول حقا غير منفصم العرى
و انك أنت النفس مني و انما # تعاظمها ما كان عندي ليصغرا
و لست إخال الحق ثقلا على فتى # لنصرته مذ كان كان مشمرا
فان كان ما جئنا كبيرا فاننا # رأينا جهاد النفس في الله اكبرا
و قال السيد صادق الاعرجي المعروف بالفحام في ذلك:
جرى ما جرى بن الخليلين و انتهى # و ان كان معروفا لما كان منكرا
فاحفظ مولى لم يزل ذا حفيظة # لمخلصه عن ساعد الجد شمرا
فأغرى حكيما بانتصار فالبا # عليه من التأنيب و اللوم عسكرا
كلام له ظهر و بطن و لم يكن # سوى محض ود بطن ما كان اظهرا
مداعبة الاخوان تدعى عبادة # لعمرك ما هذا الحديث بمفترى
ـ