قال: و أما معاوية فإنه أتاه بالكتاب المسور بن مخرمة فقرأه لمّا أتاه ثم قال: يا معاوية!إن عثمان مقتول فانظر فيما كتبت به إليه، فقال معاوية: يا مسور!إني مصرّح أن عثمان بدأ فعمل بما يحبّ اللّه و يرضاه ثم غيّر فغير اللّه عليه، أ فيتهيأ لي أن أردّ ما غيّر اللّه عزّ و جلّ[ (1) ].
قال: و أما عبد اللّه بن عامر فإنّه لمّا ورد عليه كتاب عثمان نادى في أهل البصرة فجمعهم ثم قال: أيها الناس!إن أمير المؤمنين كتب إليّ يخبرني أن شرذمة من أهل الكوفة و أهل المدينة و أهل مصر نزلوا بساحته، فأعطاهم من نفسه النصفة و دعاهم إلى الحق، فلم يقبلوا ذلك منه، و إنه كتب إليّ يسألني أن أبعث إليه منكم نفرا من أهل الدين و الصلاح فلعل اللّه أن يدفع بكم عنه ظلم الظالمين و عدوان المعتدين، قال:
فأمسك الناس عنه و لم يجبه أحد منهم بشيء[ (2) ].
قال: و علم أهل المدينة و أهل الكوفة و أهل مصر أن عثمان قد كتب إلى أهل الشام و أهل البصرة يستنجدهم، فكبس عليهم فلجوا في حصاره و منعوه من الماء، فأشرف عليهم من جدار داره ثم قال: أيها الناس!هل فيكم علي بن أبي طالب؟ قالوا: لا، فسكت و نزل. قال: و بلغ ذلك عليا رضي اللّه عنه و هو في منزله، فأرسل إليه بغلامه قنبر فقال: انطلق إلى عثمان فسله ما ذا يريد، فجاء قنبر إلى عثمان فدخل و سلم ثم قال: إن مولاي أرسلني إليك يقول لك: ما الذي تريد؟فقال عثمان: أردته أن يوجه إليّ بشيء من الماء فإني قد منعته و قد أضرّ بي العطش و بمن معي في هذه الدار!فرجع قنبر إلى عليّ فأخبره بذلك، فأرسل إليه عليّ ثلاث قرب من الماء مع نفر من بني هاشم، فلم يتعرض لهم أحد حتى دخلوا على عثمان فأوصلوا إليه الماء[ (3) ]، فشرب و شرب من كان معه في الدار.
قال: و دخل عمرو بن العاص على عثمان مسلّما، فقال له عثمان: يا ابن [ (1) ]في الطبري 5/115 أن معاوية بعد وصول كتاب عثمان إليه تربص به. عندئذ أرسل عثمان يستغيث بيزيد بن أسد بن كرز البجلي و بأهل الشام. فاستنفر الناس و ندبهم و لما وصلوا إلى وادي القرى جاءهم خبر مقتل عثمان فرجعوا.
[ (2) ]و عند الطبري أن عبد اللّه استنفر الناس فأجابوه و استعمل عليهم مجاشع بن مسعود فساروا حتى وصلت مقدمتهم صرار أخبروا بمقتل عثمان (5/116) .
[ (3) ]في مروج الذهب 2/380 فما وصل إليه ذلك حتى خرج جماعة من موالي بني هاشم و بني أمية. و في العقد الفريد 4/290 جرح بسببها عدة من موالي بني هاشم و بني أمية، حتى وصل إليه الماء.