295- «يا أبا ذرّ؛ جدّد السّفينة، فإنّ البحر عميق».
296- «يا أنس؛ أطب كسبك .. تستجب دعوتك».
ساعتين تقريبا، و ذلك في خروجهما متوجّهين إلى المدينة للهجرة، و لمّا بعثت قريش الطّلب في آثارهما؛ و كانا مختفيين في الغار المذكور، و وصلت قريش إلى باب الغار؛ قال سيدنا أبو بكر (رضي الله تعالى عنه) للنبيّ صلى اللّه عليه و سلم: لو أنّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصارنا! فقال المصطفى صلى اللّه عليه و سلم: «ما ظنّك باثنين اللّه ثالثهما»!
و الحديث أخرجه البخاري و مسلم و غيرهما؛ عن أبي بكر الصديق (رضي الله تعالى عنه)؛ و فيه منقبة ظاهرة لسيّدنا أبي بكر الصدّيق (رضي الله تعالى عنه).
295- ( «يا أبا ذرّ؛ جدّد السّفينة)- أي: أكثر من الأعمال الصّالحة ما دمت في هذه الحياة الدّنيا- (فإنّ البحر عميق») يعني: يوم القيامة الّتي تستقلّ فيه الأعمال الصّالحة لما اشتمل عليه من الهول؛
فشبّه الأعمال الصّالحة الكثيرة في تعاضدها؛ إذ يتسبب عنها تخليص صاحبها من الأهوال؛ بالسّفينة الجديدة في قوّتها و تحمّلها ما يطرأ عليها من مصادمات و أخطار المتسبّب ذلك في نجاة ركابها.
و شبّه يوم القيامة و ما اشتمل عليه من أهوال يشيب فيها الوليد؛ بحيث لا ينجيه من ذلك إلّا كثرة الأعمال الصّالحة؛ شبّهه بالبحر العميق المحاط بالأخطار، بحيث لا ينجيه منه إلّا السّفينة السليمة الآلات، القوية في المعدات، أمّا غيرها! فيخشى عليه الوقوع في الهلاك. و هذا من أبدع الكلام و أحسن الاستعارة.
و هذا الحديث ذكره في «كنوز الحقائق» مرموزا له برمز الدّيلمي في «الفردوس».
296- ( «يا أنس؛ أطب كسبك)- أي: مطعمك، و كسوتك، و توابعهما، و أهمّها المطعم بأن يكون ذلك من حلال، سليما من الشّبهة، فإذا فعلت ذلك (تستجب دعوتك») أي: دعاؤك إن دعوت اللّه تعالى في أمر من الأمور، و حاجة من الحاجات.