من أباة اللّعن الّذين يحيّو # ن بها في معاقد التّيجان (1)
تتراءاهم الوفود بعيدا، # ضاربين الصّدور بالأذقان
في رياض من السّماح حوال، # و جبال من الحلوم رزان
و هم الماء لذّ للنّاهل الظّمـ # آن بردا، و النّار للحيران
كلّ مستيقظ الجنان إذا أظ # لم ليل النّوّامة المبطان (2)
يغتدي في السّباب غير شجاع، # و يرى في النّزال غير جبان
ما ثنت عنهم المنون يد شو # كاء، أطرافها من المرّان (3)
عطف الدّهر فرعهم، فرآه # بعد بعد الذّرى قريب المجاني
و ثنتهم بعد الجماح المنايا، # في عنان التّسليم و الإذعان
عطّلت منهم المقاري، و باخت # في حماهم مواقد النّيران (4)
ليس يبقى على الزّمان جريء # في إباء، و عاجز في هوان
لا شبوب من الصّوار، و لا أعـ # نق يرعى منابت العلجان (5)
لا و لا خاضب من الرّبد يختا # ل بريط أحمّ غير يمان (6)
يرتمي وجهة الرّئال، إذا آ # نس لون الإظلام و الإدجان (7)
و عقاب الملاع تلحم فرخيـ # ها بإزليقة زلول القنان (8)
____________
(1) أباة اللعن: أراد بهم ملوك الحيرة الذين كانوا يحيونهم بقولهم: أبيت اللعن.
(2) النّوامة: الكثير النوم-المبطان: من همه بطنه.
(3) المرّان: الرماح، نوع من الشجر تتخذ من عيدانه الرماح.
(4) المقاري: قدور الضيافة و قصاعها-باخت النار: خمدت.
(5) الشبوب: من شب الفرس: رفع يديه، نشط، حرن-الصوار: القطيع من بقر الوحش-الأعنق: الطويل العنق-العلجان نوع من النبات.
(6) الربدة: لون الغبرة-الريط، جمع ريطة: ملاءة، ثوب واسع-أحم: أبيض.
(7) الرئال: أولاد النعام، جمع رأل.
(8) الملاع: المفازة لا نبات فيها-تلحم فرخيها: تطعمهما اللحم-الأزليقة:
الأرض الملساء لا نبات فيها، أو الأرض الكثيرة الزلق-القنان: التلال.