قبال كل من المانعين فى الآيات مما لا ينكر و سيجيء ما يتعلق بهذه الآيات من الكلام المشبع هذا و اما الاستدلال بقوله تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* و بقوله تعالى وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ به علم كالاستدلال بلزوم التحكم لو لا العقل حجّة بتقريب ان مدركات العقل و احكامه بالوجوب و الحرمة و ترتب الثواب و العقاب بحكمه بالملازمة اذا لم تكن حجة و كان الحجة ما وصل من الشارع من القطع بقضية ترتب الثواب و العقاب المسبّبين من امر الشارع و نهيه فنقول ان حجية هذا القطع اما للقطع الشرعى او العقلى فالبناء على الاول يفضى الى الدور او التسلسل و البناء على الثانى يفضى الى تحقق التحكم اذ حكم العقل بحجية ما وصل من الشرع لقطعه بلزوم دفع الضّرر المقطوع به فاتباع ذلك فى الشرعيات دون العقليات تحكم محض فمما لا يصح الاستدلال به الا فى قبال من اذعن بالملازمة و انكر الحجّية كالسّيد صدر الدين و كذا فى قبال المفصّل ان كان منشأ تفصيله لا لانتفاء القطع فيما لا يدرى حجيته بل لاجل شيء آخر ثم الاستدلال بان الامر بالقبيح قبيح عند العقل كالنهى عن الحسن فيمتنع صدوره عنه تعالى لعلمه و حكمته و تعاليه عن شوب الحاجة و النقصان انما يصحّ فى قبال غير صدر الدّين و قد يستدل بانّه اذا لم يكن العقل حجة فاما ان لا يكون الشرع ايضا حجّة او لا فالاول لازمه نفى التكليف من راسه و الثانى ان ثبت حجّية بالعقل يلزم خلاف الفرض و ان ثبت بالشرع فيفضى الى الدور او التسلسل و قد يستدل ايضا بانه لو لا حجة لما وجب الاقدام الى معرفة الاحكام و اذا ما وجب هذا لما وجب تحصيله فيفضى الى لغويّة المزال الكتب و ارسال الرّسل و كون ذلك عبثا هذا و قد مر الى امثال تلك الحجج الاشارة فى تضاعيف المباحث ثم انّ هذه انما يصحّ الاستدلال بها فى قبال من لم يفصّل بين الاصول و الفروع ثم ان حجج منكرى الحجّية كثيرة فأقواها امور الاول قوله تعالى وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا فدل على نفى التعذيب قبل البعثة فلا وجوب و لا حرمة بدونها لان نفى اللازم يدل على نفى الملزوم هذا و يمكن ان يرد بوجوه الاول ان نفى الفعليّة لا يلازم نفى الاستحقاق و بدون نفيه لا يتم المط و الثانى ان الرسول كناية عن الحجّة و الثالث ان المراد منه اعم من الرسول الظاهرى و الفرق بينه و بين الثانى يظهر بادنى تامّل و الرابع ان المراد منه العقل فيكون المعنى نفى التعذيب قبل بلوغه الى حد كماله كما فى المكلفين و الخامس ان التّعذيب المنفى هو الدنيوى لا الاخروى و السياق قرينة على ذلك السّادس ان الآية يقيد بما لا يستقل فيه العقل السابع ان الآية لا تنصرف الى ما يستقل به العقل و الشواهد على ذلك فى العرف كثيرة و الثامن انها تعارض منطوق ليهلك من هلك عن بينة و نحو ذلك تعارض العامين من وجه و الترجيح مع هذه الآية و نحوه من وجوه و التاسع انها تعارض الآيات الكثيرة الحاكمة باللّعنة على الظالمين و الكاذبين و التقريب واضح فترجّح هذه الآيات عليها و العاشر ان الاستدلال بها موقوف على افادة حذف المتعلق العموم و هو اول الكلام و الحادي عشر انّ المستفاد منها انما يتمشى فى الالزاميّات و المدعى اعم و الثانى عشران الاستدلال بها على عدم حجية العقل يستلزم الاستدلال على عدم حجّيتها و بعبارة اخرى لو تمّ دلالته على عدم حجّية العقل لزم منه عدم حجية نفسها و التقريب يظهر مما مر و الثالث عشر ان مفادها نفى التعذيب قيل البعثة فلا تضر القائلين بحجّية العقل فى امثال هذه الايام و الرابع عشران الآية من الظواهر و فى حجيتها الف كلام و الخامس عشر انها لا تقاوم لمعارضة القواطع من العقليات المتقدّمة و السّادس عشر انه لا اقل بعد ملاحظة جملة مما اشير اليه مع ملاحظة ما اخذ فى تقريب الاستدلال من حصول الاجمال و معه يسقط الاستدلال السّابع عشران الاستدلال ان تمّ لزم ان لا يعذّب عبدة الاوثان اذا ماتوا قبل البعث و الظاهر ان المستدلين من المنكرين مط لا يقولون بذلك الثامن عشر هب ان العفو لا يمتنع ان يجرى بالنسبة الى الكفار ايضا لكن يبقى سؤال ان العفو انما يحسن لداع و لا داعى مع الكفر هذا و لا يخفى عليك ان هذه الوجوه ليست مما ترد على سبيل التوارد بل ان طائفة منها لا ترد و لا تصير ردّا على الاستدلال
الا بعد الاغضاء و الاغماض عن طائفة اخرى و هذا ظاهر لمن تامل و مع ذلك فان بعضا منها يتداخل فى غيره الا ان يتكلف هذا و اعترض على الاول بوجوه الاول ان مرجع ما ذكر الى انه يجوز ان يستحق المكلف العقاب و لكن لا يعاقبه اللّه الا بعد بيان الرسول ايضا ليتعاضد العقل و النقل لطفا منه تعالى و هذا كما ترى لا يدفع الضّيم لان الواجب شرعا ما يجوز المكلّف العقاب على تركه فلا يتصور وجوب شرعىّ مثلا عند الجزم بسبب اخبار اللّه تعالى بعدم العقاب بل لا يكون ح الا الوجوب العقلى و فيه انّ هذا يرجع الى النزاع اللفظى و المناقشة فى الاصطلاح فلا فائدة فى اطالة الكلام نقضا و ابراما على انه قد ثبت باعتراف منا و من الخصم فى قبال الاشاعرة غير ما ذكر و ان ما ذكر ليس من الواجب و لا من لوازمه القريبة من شيء اذ الواجب الشرعى ما تعلق به طلب الشارع بحيث يمنع من النقيض و من لوازمه استحقاق فاعله للمدح و تاركه للذّم و قس عليه الحرام الشرعى و انه منقوض بالصّغار التى ورد الاخبار فى العفو عنها و ثبوت الشّفاعة فى بعض المعاصى و الحاصل انّ حاصل رد الرد ان رجع الى ان وقوع العذاب و ان لم يكن من لوازم تحقق الوجوب لكن عدم الامن من وقوعه لازم له ضرورة جواز العقاب لكن عدم الامن منتف لورود الآية بعدم وقوعه فكذا ملزومه فيتم الدليل و التقريب على تقدير جواز العفو ايضا او رجع الى ان لازم الوجوب جواز العقاب و مع الاخبار ينتفى فينتفى الوجوب الشرعى فنقول ان عدم الامن من وقوع العذاب ليس من لوازم الوجوب مط بل بضميمة عدم اليقين بعدم وقوعه بدليل آخر و بعبارة اخرى ان عدم الامن ليس منتفيا قبل ورود الآية بل جواز العقاب كان متحققا و بعده كان انتفائه بها انتفاء بالعفو اذ الآية تدل على عدم العقاب و هو معنى العفو او نقول ان الملازمة و ان كانت