وسط هذه الآثار تهيمن ساحة صغيرة وضع في وسطها حوض مدوّر ضخم حفر في كتلة واحدة من الرمل أرتفاعه 50، 2 مترا و قطره متران. و باستثناء شقين لا يزال هذا الحوض الهائل في حالة جيدة. الجدران الداخلية و الخارجية مغطاة بأحرف حميرية و عربية تكاد تكون ممحوّة. و يتعذر اليوم التكهن بوجهة استعمال هذا الصرح.
إلى شرقي وادي العلا ترتفع بزاوية قائمة كتل صخرية يتجاوز ارتفاعها 200 متر حفر عند قاعدتها حوالي 200 قبر مماثلة لقبور الحجر إنما دون باب تذكاري. و في كثير من الأحيان، عوضا عن حجرة، اكتفي بحفر فتحة تتسع فقط لوضع جثة. في هذه الحال تتخذ هذه الفتحات شكل حجيرات الأموات الموجودة في أبراج تدمر الضريحية.
عدة حجيرات لم يتم إنجازها و يحمل مجمل الأعمال طابع عمل توقف فجأة. كما أن هناك نقوشا منحوتة فوق الأرض لا يمكن التكهن بأي وسائل استطاع الفنان أن يطالها سواء من تحت أو من فوق.
تحمل هذه القبور اسم الخريبة و كذلك اسم دار ثمود. و قد سجلت هنا 33 نقشا.
مناخ العلا حارّ و يبدو أن الشتاء فيها ليس باردا على الإطلاق. شتاء 1879- 1880 مرّ و كأنه لم يكن. و عند ما أخذت حرارة الينابيع أربع مرات في ساعات مختلفة من النهار، لم أجد بينها سوى فوارق بضعة أعشار الدرجة و كل الأرقام التي دونتها أعطتني حرارة متوسطة تبلغ+ 9، 28 درجة مما يشير بالفعل إلى مناخ حار. أما أبرد درجة للحرارة التي لاحظتها خلال إقامتي في العلا فهي الدرجة الدنيا ليوم 28 تشرين الثاني حيث بلغت+ 1، 13 درجة.
بعد إقامة دامت اثني عشر يوما غادرت العلا في 29 تشرين الثاني و قد أمّن لي ابن سعيد المواكبة مع سبعة عشر رجلا مسلحا مسافة 5 أميال. المسيرة من العلا إلى خيبر أكثر خطورة من المسيرة إلى تيماء و نرى أننا نقترب من الممتلكات التركية.
قادتنا مسيرة ثلاث ساعات إلى أطلال مدينة صغيرة، أو بالأحرى إلى مدينة لم يبق من أطلالها شيء. إذ من المرجح أنها بنيت من الآجرّ. و لكن بقي شقا جدارين من الآجرّ المطبوخ. على امتداد كيلومتر مربع تقريبا ترى الأرض مفروشة بقطع الآجرّ و الفخاريات المطلية و الزجاج الملون. غاب اسم هذه البلدة و لكن في العلا حيث السكان أتقياء يطلقون عليها اسم دار النصارى أما البدو فيسمونها هي و الأراضي الواقعة بين جبلي العجائب و المريرة، مابي.