اختلال النظام و نحوه لوجب على الجميع النفر اليه، و لكن حدوث هذه الامور منع من ايجاب النفر على الجميع، فعلى هذا لم لا ينفر بعضهم حتى يرشدوا بأنفسهم و يرشدون غيرهم؟! (1)
الوجه الثاني: [أن كلمة «لعل» بعد انسلاخها عن معنى الترجي الحقيقي تدل على محبوبية التحذر]
أن كلمة «لعل» بعد انسلاخها عن معنى الترجي الحقيقي- لعدم امكانه في حقه تعالى- تدل على محبوبية التحذر عند الانذار، فاذا ثبتت محبوبية التحذر ثبت وجوبه شرعا؛ اذ لا معنى لندب التحذر عن العقاب الاخروي مع قيام المقتضي للعقوبة، و إن لم يكن للعقاب مقتضى فلا مطلوبية و لا حسن للتحذر، اذ لا موضوع له، و هو العقوبة، و المفروض هو ثبوت المطلوبية.
أورد عليه أوّلا: بأن التحذر يمكن أن يكون لرجاء ادراك الواقع و عدم الوقوع في محذور مخالفته من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة، و المتحذر حينئذ حسن، و ليس بواجب فيما لم يكن هناك حجة على التكليف.
و يمكن الجواب عن ذلك كما في نهاية الدراية بان الانصاف أن الانذار و التحذر بملاحظة ترتب العقوبة أنسب، اذ المتعارف من الانذار من المبلغين للاحكام في مقام الحث على العمل بها بيان ما يترتب على الفعل أو الترك من العقوبات الاخروية دون المصالح و المفاسد، فالتحذر المنبعث عنه تحذر من العقوبة. (2)
هذا، مضافا الى أن الانذار لعموم الناس لا للخواص و ارباب العقول حتى يصح الانذار باعتبار المصالح و المفاسد.
أورد عليه ثانيا: بأنا لو سلمنا دلالة كلمة «لعل» على المطلوبية فالحذر المطلوب أن كان هو الحذر من العقاب المساوق مع وجوب التحذر بلحاظه و لا بديته فهذا الفرض يساوق
____________
(1) نهاية الاصول: ص 504.
(2) نهاية الدراية: ج 2 ص 86.