معلومية اكتفائهم بالنقل من دون تقييد ذلك بالعلم أو العدالة، كما ورد في موثقة معاذ بن مسلم النحوي عن ابي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: بلغني انك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟ قلت: نعم، و أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج اني اقعد في المسجد فيجيئني الرجل فيسألني عن الشيء فاذا عرفته بالخلاف لكم اخبرته بما يفعلون، و يجيء الرجل اعرفه بمودتكم و حبّكم فأخبره بما جاء عنكم، و يجيء الرجل لا أعرفه و لا أدري من هو فأقول جاء عن فلان كذا و جاء عن فلان كذا فادخل قولكم فيما بين ذلك؟ فقال لي: اصنع كذا، فاني كذا أصنع. (1) و من المعلوم أنّ قوله (ما جاء عنكم) يشمل الاخبار مع الواسطة و بدونها، و ليس مقيدا بالعلم. و الظاهر من الرواية أن السامع اكتفى به أيضا كما اكتفى به ناقله، و لا يضر بذلك التعبير بالافتاء مع أن المقصود منه هو نقل الخبر، كما لا يخفى.
منها مثل ما ورد في أنّ وسائط النقل بمنزلة القرى الظاهرة في قوله تعالى: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً كموثقة محمّد بن صالح الهمداني قال: كتبت الى صاحب الزمان (عليه السّلام): أن أهل بيتي يقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائك (عليهم السّلام) أنهم قالوا خدّامنا و قوامنا شرار خلق اللّه، فكتب و يحكم ما تقرءون ما قال اللّه تعالى: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً، فنحن و اللّه القرى التي بارك فيها، و انتم القرى الظاهرة. (2)
و يؤيده ما رواه الطبرسي عن أبي جعفر (عليه السّلام) في حديث أنه قال للحسن البصري: نحن القرى التي بارك اللّه فيها، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ لمن اقر بفضلنا حيث أمرهم اللّه أن يأتونا فقال: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً، و القرى الظاهرة الرسل و النقلة عنا الى شيعتنا و (فقهاء) شيعتنا الى شيعتنا الحديث. (3) و المستفاد منه هو التشويق و الترغيب الى ما هو الشائع عند الشيعة من نقل الأخبار عن الأئمة (عليهم السّلام) و الاعتماد عليها و الاكتفاء بها عند كون الرواة من ثقات الشيعة.
____________
(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي: ح 36.
(2) الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي ح 46.
(3) الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي: ح 47.