و الإقدام على المخاطر، و ركوب متن الأهوال و الصعاب في سبيل الحصول على مقاصدهم، و الوصول إلى أهدافهم بالعيش الكريم، و الحياة الأفضل كما أنهم شديد و الخشونة لا يرحمون من يتصدّى لقتالهم أو النيل منهم، ميالون بطبيعتهم إلى حب السيطرة و افتتاح البلدان، و توسيع رقعة بلدانهم و نفوذهم، ناهيك عن نقمتهم على الملوك و الأمراء و على غطرستهم و ظلمهم و ابتعادهم عن منهج العدالة، لهذا تمكن أبو عبد اللّه بواسطتهم من الوصول إلى أغراضه، و تحقيق أماله، فكان يثير حماسهم و حميتهم بكلماته و عباراته مذكرا بأوضاعهم، و بما هم عليه من الفقر و الضيق و شظف العيش و الحرمان، بينما طبقة الحكام ينعمون بخيرات الأرض، و يعيشون حياة البذخ و الترف، و ساعد في ذلك أوضاع بلادهم العامة و موقعها الجغرافي في جبال عسيرة جرداء، و بقاع رملية في سفوحها، تلال متناثرة خالية مجدبة لا شجر فيها و لا ماء و لا حياة، فهذه الأرض لا يمكن أن تمدهم بما يحتاجون إليه من أمور الحياة، كما أنها لا تساعدهم على تخطي العقبات، و تجاوز المحن القاسية و لا تصلح لأن تكون حاضرة خاصة، تفيض عليهم بمعين آخر يكفل لهم الاستمرار بالبقاء، و العيش الرغيد، و من جهة أخرى فإنها غير صالحة لأن تكون صلة الوصل بغيرها من