و كان قبيل ذلك قد حدث بين قبيلة مطير و الضفير بعض القتال فقتل من مطير احد رؤسائهم من الدوشان، و قتل من الضفير مسلط بن الشابوش ابن عفنان (و من فروعهم العفنان فخذ يسمى باسمه) فارسل اليهم سعود و هو في الدرعية فاصلح بينهم و كف بعضهم عن بعض و توعد من اعتدى منهم على الآخر. فلما سار سعود في هذه الغزوة اجتاز بقبائل الضفير و هم في الدهنا، من جهة (لينه) الماء المعروف فامرهم ان ينفروا معه غزاة فنفر معه شرذمة رئيسهم الشابوش بن عفنان. فاستقل سعود غزوهم فانتهر الشابوش و غضب عليه. فقال انهم عصوني و هم يريدون المسير لقتال مطير.
و كان سعود شرب من لينة و مال منها يريد العراق فحرف الجيوش اليهم و شن عليهم الغارة و أمر فيهم بالقتل، ثم بعد ذلك اعتق غالبهم من القتل و قتل من عامة الضفير قتلى كثيرة من كل قبيلة و اخذ جميع اموالهم من الابل و الخيل و الغنم و السلاح و الحلل و الامتاع و الازواد. و لم ينج منهم الا الشريد من اقاصيهم و تفرقوا ... فمنهم من هرب إلى المنتفق، و منهم من فرّ إلى جزيرة بين النهرين، و بعضهم هلكوا في نجد.
هذا و كان قد حدث من عربان الضفير حوادث أخرى عديدة علمها الأمير سعود منهم تضييع بعض فرائض الدين، و ايواء المحدثين و توهيلهم و اضافتهم و اتاهم غزو من قبائل الشمال فأغاروا على نجد و اجتازوا بالضفير فاضافوهم، و ذكر لسعود ان ناسا منهم يغزون مع أعدائه على قبائلهم ...
كل هذا كان منهم و علمه سعود، و ان الحادث الأخير قوّى الشبهة فيهم، و جعله يقطع في صحة ما نسب اليهم فكان ما كان ... و هذا سبب نزوحهم إلى العراق في هذه السنة و هي سنة 1219 ه. (1)
____________
(1) عنوان المجد في تاريخ نجد.