و العالم المعول عليه و احتاج الناس إلى علمه و قصدوه بالفتاوى من النّواحي البعيدة (رحمه اللّه تعالى) لكنه قد يتساهل في الفتاوى، و يترك المراجعة لا سيّما في أواخر عمره، فاختلفت أجوبته و تناقضت فتاواه، و كان ذلك مما عيب عليه و اللّه أعلم.
[وفاة الشيخ شهاب الدين الحلبي] 584
و فيها (1) توفي الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن علي الحلبي تلميذ سيدنا الشيخ أبو بكر بن عبد اللّه العيدروس و أخذ عنه و تخرج به و اختصّ بنظره، و كان مكث في ملازمته نحو من عشرين سنة، ثم أمره بالدخول إلى الهند و الإقامة بها فدخلها، و أخذ عنه جماعة كثيرون، و انتفع به خلائق لا تحصى، و كان قبل دخوله في هذه الطريق من أعيان التجار فآثر زيّ الفقراء، و ترك ما كان عليه من أسباب التجارة، و كان حسن الخط حكي أنه كان بمكة و كان يتعانى تعلم الخط فلقيه رجل بالمسعى، و قال له: إذهب فقد أعطيناك الخط [و الحظ]، قال: فلما لقيت الشيخ أبا بكر و تلمذت له، قال لي: تذكر ما قال ذلك الشخص و تدري من هو و ما عنى بذلك، فالرجل أبو العباس الخضر و ما أشار إليه من الحظ فهو نحن نفع اللّه به.
[وصول الأروام إلى عدن] 585
و فيها يوم الأربعاء و العشرين من شهر رجب: توصلوا أربعة غربان أروام فيها نحو مائة رجع منها واحد إلى عدن و بقوا ثلاثة، و السلطان بدر بريدة المشقاص لأنه سار يوم الأحد ضحى و الأروام توصلوا يوم الأربعاء و ما سار حتى علم بهم في المكلا و استقوا و استخلصوا المجيمر (2) بالمكلا، ثم مروا بالشحر و إلى المشقاص فدخلوا حيريج، و وقع بينهم و بين أهل حيريج محاربة و كان فيها ربعين بن عفرار و عبود بن خردان، ثم صروا إلى قشن و طلبوا منهم قطعة مثل صاحب الشحر فامتنعوا فأحربوه و ضاربوه، و ذلك بعد تقدم الهدية و السّقاء فلما خالفوا عليه رجع إلى جهة
____________
(1) النور السافر: 214.
(2) كذا و في العدة «الحيمر». و لعله موضع بالمكلا.