فغير هذه المباحث الثلاثة لا نتوسع فيها، و لو أردنا استيفاء الكلام عن تاريخه (صلى الله عليه و سلم) من جميع النواحي لاحتجنا إلى وضع مجلدات ضخمة، و رضي اللّه عن علمائنا الأعلام فقد أتوا بالكلام الشافي الوافي عن سيرة رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم) من جميع النواحي.
و هنا نتشرف بالبدء بجزء يسير عن ترجمته (صلى الله عليه و سلم)، فنقول و باللّه التوفيق و منه تعالى نستمد العون في كل صغيرة و كبيرة وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ:
نسب رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم)
اعلم أن نبينا" محمدا" (صلى الله عليه و سلم) ينتهي نسبه الشريف إلى خليل اللّه إبراهيم عليه الصلاة و السلام، فهو من ذريته بدون شك، و لقد أجمع العلماء إلى أن نسبه الشريف يقف إلى عدنان كما سيأتي بيانه، و ما فوق عدنان لا يصح فيه طريق.
و أنه (صلى الله عليه و سلم) لم يزل ينتقل من أصلاب آباء طاهرين إلى أرحام أمهات طاهرات، و كلهم من سادات العرب و كرام القوم، و لم يكن في نسبه (صلى الله عليه و سلم) شيء من سفاح الجاهلية، فقد طهره اللّه عز شأنه من كل شائبة، كما هو اللائق بنسب سيد ولد آدم خاتم النبيين و إمام المتقين و شفيع الأمة يوم الدين، صلى اللّه عليه و على آله و أصحابه الطيبين الطاهرين.
روى مسلم في صحيحه عن واثلة بن الأسقع رضي اللّه تعالى عنه قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم): «إن اللّه عز و جل اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، و اصطفى قريشا من كنانة، و اصطفى من قريش بنى هاشم، و اصطفاني من بني هاشم».
و روى الترمذي عن العباس بن عبد المطلب أن النبي (صلى الله عليه و سلم) قال: «إن اللّه تعالى خلق الخلق فجعلني في خير فرقهم، ثم تخير القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا و خيرهم بيتا». ا ه.
و إلى معنى الأحاديث المتقدمة أشار بعضهم بقوله:
محمد خير بني هاشم* * * فمن تميم و بنو دارم
و هاشم خير قريش و ما* * * مثل قريش في بني آدم
و لبعضهم:
قريش خيار بني آدم* * * و خير قريش بنو هاشم