و إلا فمقامي المعهود عند السدرة، فمضى النبي (صلى الله عليه و سلم) وحده و كان يقطع الحجب الظلمانية حتى جاوز سبعين ألف حجاب، غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة سنة، و ما بين كل حجاب أيضا مسيرة خمسمائة سنة، فوقف البراق عن المسير فظهر له رفرف أخضر غلب نوره على نور الشمس فرفع النبي (صلى الله عليه و سلم) على ذلك الرفرف و ذهب به إلى قرب العرش. و في رواية كان يقال له: ادن مني ادن مني حتى قيل له في تلك الليلة ألف مرة يا محمد ادن مني، ففي كل مرة منها كان يترقى حتى بلغ مرتبة دنا، و منها ترقى إلى مرتبة فتدلى، و منها ترقى حتى وصل إلى منزلة قاب قوسين أو أدنى، كما قال تعالى: ثُمَّ دَنا أي دنا محمد إلى ربه تعالى أي قرب بالمنزلة و المرتبة لا بالمكان فإنه تعالى منزه عنه، و إنما هو قرب المنزلة و الدرجة و الكرامة و الرأفة، فَتَدَلَّى أي سجد له تعالى لأنه كان قد وجد تلك المرتبة بالخدمة فزاد في الخدمة، و في السجدة عدة القرب و لهذا قال (صلى الله عليه و سلم): أقرب ما يكون العبد من ربه أن يكون ساجدا. انتهى من تاريخ الخميس.
[عدد مراكبه (صلى الله عليه و سلم) ليلة الإسراء]
قال العلامة الكبير الشيخ محمد بخيت المطيعي، مفتي الديار المصرية سابقا، المتوفى في منتصف القرن الرابع عشر للهجرة (رحمه اللّه تعالى). في كتابه" الكلمات الطيبات، في المأثور عن الإسراء و المعراج من الروايات، و ما وقع ليلتئذ من الآيات الباهرات" قال فيه ما نصه:
و من الآيات التي رآها في عروجه على بعض الروايات كما ذكره العلائي في تفسيره، أنه كان للنبي (صلى الله عليه و سلم) ليلة الإسراء خمسة مراكب:
الأول: البراق إلى بيت المقدس، الثاني: المعراج منه إلى السماء الدنيا، الثالث: أجنحة الملائكة منها إلى السماء السابعة، الرابع: جناح جبريل (عليه السلام) منها إلى سدرة المنتهى، الخامس: الرفرف منها إلى قاب قوسين و على رواية أنه لم يكن إلا البراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم المعراج إلى ما شاء اللّه تعالى. و منها أن المعراج كان له عشر مراقي: سبعة إلى السماوات، و الثامن إلى السدرة، و التاسع إلى المستوى الذي سمع فيه صريف الأقلام، و العاشر إلى العرش. انتهى من الكتاب المذكور.