و نحن قد أتينا بهذا البيان في مقدمة الكلام، حتى يكون للقارئ تمام المعرفة عندما يطلع على كلامه الآتي- و إليك ما قاله صاحب الكتاب المذكور (رحمه اللّه تعالى) و هو:
قال اللّه تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ.
اعلم- أنه يحيط بالكعبة ثلاث دوائر: (الأولى) دائرة المسجد الحرام، (و الثانية) دائرة الحرم، (و الثالثة) دائرة المواقيت- فلا يعدو امرؤ الدائرة الثالثة قاصدا دخول مكة، إلا إذا أحرم و أهل بالتلبية و هي ذو الحليفة على عشر مراحل من مكة و الجحفة على ثلاث و قبلها بقليل رابغ و ذات عرق على مرحلتين، و كذلك قرن المنازل، و يلملم و الدائرة الثانية دائرة الحرم و قد نصبت عليها أعلام في جهاتها الأربع، و قد ذكر المسافات بينها و بين المسجد الحرام التقي الفاسي في كتابه شفاء الغرام و نحن نذكرها نقلا عنه مبينين مقدارها بالأمتار (فحد الحرم من جهة الطائف) على طريق عرفة من بطن عرنة (7/ 372102) بذراع اليد، أي (18333) متر، و ذلك من جدر باب بني شيبة إلى العلمين الذين بهما علامة لحد الحرم من جهة عرفة. (و حده من جهة العراق) من جدر باب بني شيبة إلى العلمين الذين هما علامة لحد الحرم في طريق العراق، و اللذين هما بجادة وادي نخلة (27252) ذراع بذراع اليد، و تعادل (5، 13353) متر. (و حده من جهة التنعيم) و هي طريق المدينة و ما يليها (12420) ذراع بذراع اليد، أي (6148) متر، و ذلك من جدر باب العمرة إلى أعلام الحرم التي في الأرض من هذه الجهة لا التي على الجبل. (و حد الحرم من جهة اليمن) من جدر باب إبراهيم إلى علامة حد الحرم في هذه الجهة (7/ 245094) ذراع بذراع اليد، تعادل ذلك (75، 12009) متر، و على حد الحرم من جهة الجنوب مكان يقال له" أضاة"، و من الغرب يميل قليلا إلى الشمال قرية الحديبية، و هي التي تمت بها بيعة الرضوان، و من الشرق على طريق الطائف مكان يقال له الجعرانة أحرم منه النبي (صلى الله عليه و سلم)، مرجعه من الطائف بعد فتح مكة. و هذه الدائرة جعلها اللّه مثابة للناس و أمنا، بل أمن فيها الحيوان و النبات، فحرم التعرض لصيدها و منع أن يختلى خلاها (حشيشها) أو يعضد شوكها. انتهى من مرآة الحرمين.