و فيه ما لا يخفى؛ إذ أوّلا: أنّ استحالة تخصيص المانع بالعالم بالمانعيّة، إنّما هي في جعل المانعيّة له ابتداء، و أمّا جعلها بنحو الإطلاق و تشريعها بوجه التّعميم ثمّ رفعه و العفو عنها في مرحلة الشّكّ و الجهل و في موقف الامتثال و التّطبيق، كما هو مقتضى حكومة حديث الرّفع على أدلّة الأوّليّة للإرفاق و المنّة، فليس فيه وجه للإشكال و التّرديد.
و إن شئت، فقل: المحذور إنّما يلزم فيما إذا قلنا: بالتّخصيص في موقف الجعل و التّشريع، بخلاف ما إذا قلنا: به في موقف التّنجيز و مرحلة الإطاعة و التّطبيق، فلا محذور فيه أصلا، أو فقل: إنّ مقتضى حديث الرّفع هو الرّفع و التّضييق في مقام الامتثال و التّطبيق دون مقام الجعل و التّشريع، فإنّه مصون عن الرّفع؛ إذ رفعه لا يكون إلّا بالنّسخ، فتأمّل.
و ثانيا: أنّ إشكال الاستحالة لو تمّ في صورة الشّكّ في المانعيّة لجرى في صورة الشّكّ في الجزئيّة و الشّرطيّة- أيضا- فيقال: يستحيل تخصيص الجزء أو الشّرط بما إذا علمت جزئيّته أو شرطيّته، و قضيّة ذلك، أنّه لو شكّ المصلّي في جزئيّة شيء للصّلاة أو شرطيّته لها، فحديث الرّفع ينفع لصحّة صلاته ما دام شاكا، و أمّا إذا قطع بالجزئيّة أو الشّرطيّة أو قامت عليها الحجّة يجب عليه القضاء أو الإعادة، كما هو مقتضى القاعدة في الأحكام الظّاهريّة، فلا وجه لاختصاص الإشكال بالشّكّ في المانعيّة.
و الّذي يسهّل الخطب هو ما عرفت آنفا: من أنّ الرّفع و العفو ليس بحسب مقام الجعل و التّقنين حتّى يلزم تخصيص الحكم بالعالم به، بل يكون بحسب مقام