و لا ريب: أنّ مقتضى هذا القول هو أنّه إذا تحقّقت مقدّمات وجوب مقدّمة الواجب و مباديها، وجبت، سواء وجب ذو المقدّمة، أم لا، و هذا بخلاف القول بالنّشء و المعلوليّة، فإنّ مقتضاه عدم وجوب المقدّمة قبل وجوب ذيها، كما هو واضح.
و انقدح ممّا ذكرناه، أنّه يجب التّعلّم في الواجبات المشروطة أو الموقّتة قبل حصول الشّرط، أو حلول الوقت، فلو ترك الفحص و التّعلم و أدّى ذلك إلى ترك الواجب عند حصول شرطه أو حلول وقته بلا عذر، استحقّ العقوبة بلا شبهة.
الوجه الثّاني: أنّه يستقلّ العقل و العقلاء في الحكم بكون تفويت الواجب المشروط أو الموقّت- الّذي يحصل شرطه أو يحلّ وقته- عند ترك التّعلّم قبل الشّرط و الوقت، بلا عذر، موجبا لاستحقاق العقوبة و استيجاب المؤاخذة؛ و ذلك للقاعدة المعروفة من قولهم: «الامتناع بالاختيار، لا ينافي الاختيار» و هذه القاعدة و إن كانت عقليّة فلسفيّة، إلّا أنّ للتّمسّك بها في مسألتنا هنا مجالا واسعا بلا إشكال.
و من هنا ظهر، ضعف ما عن الإمام الرّاحل (قدّس سرّه) من إنكار شمول القاعدة للمقام، بدعوى: أنّ الامتناع بالاختيار هنا، ينافي الاختيار، لأنّ من ترك السّير إلى أن ضاق الوقت، خرج إتيان الحجّ عن اختياره و لو كان الخروج باختياره. (1)
وجه ظهور الضّعف، هو أنّ المراد من عدم المنافاة هنا، أنّه لا ينافي الاختيار عقابا، لا خطابا.
و لا يخفى عليك: أنّه لا فرق في هذا الحكم العقليّ و العقلائيّ، بين الواجب المطلق و المشروط، فلو ترك تعلّم الواجب فأدّى تركه إلى ترك الواجب، عدّ عند
____________
(1) راجع، أنوار الهداية: ج 2، ص 427.