تريد العقل و التدبير الجيد و المعرفة و النظام، فلي معلم يقال له الشيخ إبراهيم القبرصي (6)، موجود الآن بالقريتين، إن شاء اللّه ستسمح الظروف بإحضاره عندك فتراه و تحبه و تكون مسرورا جدا منه، لأنه رجل جليل و معلم ماهر، و مهما كان بخاطرك من الأمور أعانك بمعرفته و تدبيره و أوصلك إلى مطلوبك. فكان مسرورا بهذا الخبر و قال لي: اركب حالا مع مئة خيال لاحضاره، فقلت: لا، فمن الأولى أن يبقى الآن بالقريتين حتى نقترب نحن منه فنحضره. و كل هذا التدبير و الشور الذي أشرت به عليه، إنما لأتمكن من فتح سيرة الشيخ إبراهيم، و قد حصل مرادي، فصرت مسرورا محظوظا.
ثم قال الدريعي: خذ ورقة و اكتب إلى دوخي بن اسمير أمير ولد علي (7)، و قل له نحن جئنا من بلادنا لأجل إعانتكم و تخليصكم من يد ناصر المهنا الذي يريد أن يدوسكم و يخرب نظامكم و يتكبر عليكم بوساطة الحكام، و أخيرا تأكلكم نار العثماني. فالآن رديت النقا على بيت ملحم و أريد أن أهاجمهم (8)، و قصدي الآن أن تظهروا حالكم من غير محاباة إن كنتم 1/ 38 معي أو علي، فمن/ كان معي ينزل قريبا مني، و من كان علي ينزل بالقرب من مهنا و السلام.
و كتبت عشرة مكاتيب مثل هذا المكتوب نفسه، الأولى إلى دوخي بن اسمير أمير ولد علي، و الثاني إلى سلامة شيخ بني صخر، و الثالث إلى إدغيم بن علي شيخ السّرحان، و الرابع إلى باني بن إمهيب شيخ بني خالد، و الخامس إلى ذرّاك بن معجل شيخ الرفاشا، و السادس إلى سلطان البّراق (9) شيخ العمور، و السابع إلى سلامة النعسان شيخ الفواعر، و الثامن إلى علي بن نجد شيخ بوحربا و التاسع إلى سعدون شيخ البقّارة (10)، و العاشر إلى قاسم الوكبان شيخ الشمسي. فطوينا المكاتيب و أعطيناها للدريعي، فأعطى كل مكتوب إلى خيال مخصوص و أرسله إلى قبيلة.
و ثاني يوم نحن رحلنا مع الدريعي و كان مسيرنا ثماني ساعات و نزلنا بأرض واسعة يقال لها الشومرية، لنستقبل العربان بها حيث أنها سهل عظيم واسع، و هي تبعد عن حماة ثلاثة أيام شرقي هذه المدينة. و لم يمض إلا قليل من الأيام حتى ابتدأت تتوارد علينا الجوابات. فالجميع
____________
(6) «القبرصلي».
(7) ولد علي، أبناء محمد، من فروع الفدعان، من ضنا عبيد.
(8) «أن أركب عليهم».
(9) «البراك».
(10) «البكارة».