و نحن واضعون ثقتنا (10) باللّه و بك، و نحن معك على الخير و الشر، فالرجاء أن تجدّ بالرحيل و تلحق بنا في أقرب وقت ممكن (11) لأن العربان أكلتنا. و كل سبب هذه الفتنة من أجل ابن سعود. فإياك المهل و التأخير يا أهل المرؤة و الحشمة (12)، تراني بوجهك (يعني وقيعك) (13) يا أبا الفوارس و الرجال (14).
فحين انتهينا من قراءة المكتوب، نبّه على الرحيل المداوم يعني من غير نزول و لا راحة، و كانوا بعيدين عنا ستة أيام. فصار الرحيل وجدينا بالمسير ثلاثة أيام ليلا نهارا من غير راحة و لا نزول، بل النوم على ظهور الجمال و الأكل كذلك، و النساء تعجن و تخبز على ظهور الجمال بالصاج، يضعن الجلة و الحطب في خرج تحتهن على الجمل. تأتي المرأة بصاجين من حديد، الواحد تضع فيه النار، و الآخر فوقه تخبز عليه. و إلى جنبها امرأة أخرى راكبة على جملها و مصاففة لها، عندها العجين، تقطع أرغفة و تعطيها للأخرى و هي ترقها و تخبزها. و امرأة ثالثة (15) أمامها طاحونة و هي تطحن الطحين. و الجمال و الغنم و الخيل ترعى و هي ماشية.
و كلما وصلنا إلى ماء، و كانوا على علم أن الماء أمامهم بعيدة، تملأ كل امرأة قربة ماء و تربطها تحت بطن الجمل أو الناقة التي راكبة عليها. و كان أكلنا من غير طبخ فقط الخبز و الحليب و التمر. فحين نجوع تنزل النساء حالا و يحلبن النوق و يملأن لنا قدح حليب، (فالقدح يكون من الخشب و يسع نحو رطل حلبي). فنجتمع (16) أربعة أو خمسة و نحن راكبون، فنضع لقمة 2/ 63 خبز في فمنا و نشرب قليلا من الحليب و نعطي القدح للذي جنبنا،/ و هكذا يدور من واحد إلى آخر بالدور. و كلما نعسنا نتمدد على وجهنا فوق ظهر الجمل. و نضع أرجلنا في عيون الخرج، لأن لكل جمل أو ذلول خرجا كبيرا لأجل وضع أغراض الراكب و حاجاته (17).
و كنا نستلذ كثيرا بالنوم أولا من شدة التعب و النعاس، ثانيا اعتدنا على ذلك ثالثا من عادة
____________
(10) «نحن شادين ضهرنا».
(11) «قبل بساعة».
(12) «الحشيمة».
(13) الوقيع بمعنى الدخيل: الذي يطلب حماية شيخ من قبيلة غير قبيلته.
(14) «الرجاجيل».
(15) «ثانية؟».
(16) «فنجمتع».
(17) «مصالح».