ثم ثاني يوم حضر المزكي الذي كان أرسله إلى بعض قبائل عرب، نواحي ديرة الحضرموت (7)، و أحضر معه الزكاة يعني الجزية فأدخل الجميع للسرايا، فذهبنا لنراه، و كان
____________
- يقتدون بالمسلمين فيما يتعلق بالشهادة، فهم يحذفون منها الكلمات الأخيرة فتصبح فقط «لا إله إلا اللّه».
فمن الممكن أن نعتبرهم موحدين [- إلهيين] بتمام معنى الكلمة» (وصف ولاية بغداد، باريس، 1808).
و كان من جراء هذه الدعاية الكاذبة، أن الأتراك كانوا يقولون عن أتباع محمد بن عبد الوهاب أنهم أعداء الدين. و بعد أن اطلع العلامة الشيخ حمد الجاسر، صاحب مجلة العرب الغراء، على ما ذكره الصايغ، كتب مشكورا إلى محقق هذه المخطوطة ما نصه:
«هذا الكلام مملوء بالأخطاء الشنيعة»:
1- القول بأنه لا يستقبل جهة مكة، و هذا غير صحيح فأتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب حنابل المذهب و يرون استقبال القبلة (الكعبة) من أركان الصلاة إذا لم يستقبل المصلي القبلة بطلت صلاته و هذا أمر لا شك فيه و يعرفه حتى المبتدئ من طلبة العلم.
2- الدعاء في أخر الصلاة و في كل وقت مشروع بأن يعز اللّه الموحدين و يذل المشركين، و المشركون ليسوا المسلمين و لكنهم الذين يصرفون شيئا من أنواع العبادة لغير اللّه، و أنواع العبادة كثيرة و هي كل الأمور المحمودة شرعا التي أمر اللّه بها مثل الصلاة و الدعاء و الاستغاثة، فهم لا يجيزون دعاء أحد من الأموات سواء كان نبيا أو عبدا صالحا بل يحبون الأنبياء كلهم و يتبعون ما شرعه اللّه و لكن لا يصرفون لهم شيئا من أنواع العبادة.
3- و أما قوله عن محمد (صلّى اللّه عليه و سلم) لا يبغضه و لا يحبه، فهذا كلام باطل، فمن أصول عقيدة أتباع الشيخ محمد كغيرهم من المسلمين محبة الرسول محمد (صلّى اللّه عليه و سلم) و طاعته و تقديم أمره على أمر أي إنسان مهما كان، و لكن طاعته و محبته لا تجيز أن يصرف له شيء من العبادة بأن يدعى أو يستغاث به، فالدعاء و الاستغاثة للّه القادر على ذلك، و من لم يحب الرسول محمدا فإسلامه غير صحيح، و يعتبر كافرا يجب قتله عندهم.
و أما زيارة قبره فهي من الأمور المحبوبة و لكن لا لدعائه هو بل ليدعى له و يسلم عليه سلاما شرعيا و يصلى عليه.
فأتباع الشيخ محمد يفرقون بين حق اللّه و حق رسوله محمد، فحق اللّه العبادة و حق الرسول الطاعة و امتثال الأمر وفق الشريعة الثابتة في القرآن و فيما صح عن الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم).
و الموضوع يحتاج إلى تفصيل لا تتسع لها هذه الرسالة و كثير من الأمور المنسوبة إلى الوهابيين هي كما يعتقد الأستاذ لا صحة لها و هي من تأثير الدعاية في ذلك العصر.
(7) (الأضراموط).
انصافا لفتح اللّه الصايغ نضيف إلى تعليق الأستاذ حمد الجاسر ما جاء في كتاب حافظ وهبة [الجزيرة العربية في القرن العشرين] تحت عنوان «ما ينسب إلى النجديين و هم أبرياء منه».
«و قد نسب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب و الآخذين بدعوته كراهيته النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، و الحط من شأنه و شأن الأنبياء و الأولياء و الصالحين» ...
«و نسبوا إليهم القول بإن العصا خير من النبي ... و لقد سمعت في نجد أن حكّام نجد الشمالية أثناء-