الموجودين على عين المكان، و الذين أدمجوا عمليا في القطاع العربي للمجتمع، فموسى بن نصير نفسه كان مولى، و كذلك نفس الأمر بالنسبة إلى عدد من ولاة إفريقية من بعده.
لقد استقر الفرس- و خاصّة الخراسانيّون منهم- و الذين قدموا في جموع مع ولاة العباسيين إلى إفريقية، في تونس و بلاد الزاب و بعضهم في القيروان. و كان بعض العلماء مثل ابن فرّوخ من أصل فارسي. و بما أننا نجهل على الإطلاق عددهم، فإنه لا يمكننا سوى تقدير مدى تأثيرهم.
لقد كان هؤلاء عسكريين وقادة حاميات، و كان بإمكانهم الانصهار تقريبا في جموع العرب الذين تبنوا قضاياهم، غير أنهم- و بشكل خفي- كانوا يجرّون معهم أنماط حياة و أشكال عيش تشعرهم بالشرق ما قبل العربي، فتساعدهم حينئذ على جعل إفريقية أرض إسلام «متمشرقة»Orientalisee كما يحلو لجورج مارسي أن يؤكد على ذلك.
قبالة المهيمنين، يوجد المنهزمون بالأمس و المحليون، و هم الروم و الأفارقة و البربر، الذين لا بد من أن نضيف إليهم الموالي المحليين لأنهم الخيط الرابط بين القطاعين الاجتماعيين.
لقد سبق أن رأينا أن الانتصار العربي أدّى إلى الخروج التدريجي للأرستقراطية البيزنطية من كبار الملاكين و موظفي الدولة و العسكريين في اتجاه جزر المتوسط الغربي، و الغرب المسيحي بصفة عامة و بيزنطة.
و بقي، مع ذلك، الكثير منهم كذميين تحت حماية الدولة الإسلامية و خاضعين لجبايتها. فالعرب إذن كانوا يطلقون تسمية" روم" على البيزنطيين الذين بقوا على عين المكان أو المنحدرين منهم. و قد أدمج البعض منهم في الإدارة، و تعاطى بعضهم الآخر نشاط التجارة أو الفلاحة و خاصة في الجريد (1) و بلاد الزاب.
أما" الأفارقة" فقد كانوا رومانا، و نحن نعني بذلك الأفارقة ذوي
____________
(1)
G. Marcais, »La Berberie Orientale au IX Siecle d`apres El- Yaqubi«, Revue Africaine, 1491, p. 84.