و في الحرب العالمية الثانية انتشرت في الولايات المتّحدة شائعات قويّة بأنّ خسائر الولايات المتّحدة في قضية «بيرل هاربر» (1) أعظم بكثير ممّا اعترفت به السلطات. فزعمت بعض الشائعات أنّ الأسطول الأمريكي قد غرق بكامله و زعمت شائعات أخرى أنّ ألف طائرة تمّ تدميرها على الأرض في اليوم نفسه، و حيث أنّ الناس لم يقفوا على حقائق ما حدث و ما أخفته السلطات الأمريكية لذلك أطلقوا لخيالهم تصور الهزيمة، و قد حاولت السلطات الأمريكية بكلّ ما تملك من القوى و الأنصار و الجواسيس و الإذاعات و التلفزة تخفيف تلك الصدمة، و لكن دون جدوى، إذ لم تكن الخسائر بتلك الضخامة التي صورتها الإشاعات، و لم تكن بتلك القلّة التي أعلنت عنها السلطات الأمريكية.
و في العصر الحاضر استخدمت إسرائيل الأساليب نفسها، فكانت تشيع بأنّها تمتلك أسلحة فتاكة و أنّ خط بارليف خطّ منيع لا يستطيع أحد مقاومته (2).
____________
كما ساعدت الإشاعة على اندلاع الثورة الهندية ضد بريطانيا سنة 1857 م. فقد كان الجنود العاملون في جيش الهند البريطاني يستخدمون بنادق تملأ من فوهة السبطانة، و كان عليهم خلال الرمي أن ينزعوا بأسنانهم الورق المشحّم من طرف كل خرطوشة، حتى يسقط البارود في سبطانة البندقية قبل وضع المقذوف في مكانه، و اعتمدت الشائعة التحريضية على هذا الأمر، إذ انتشرت بين الجنود المسلمين شائعة تقول بأن الشحم المستخدم هو شحم خنزير، و خيّل للهندوس بأنه شحم بقر، و قد حاول الإنجليز وقتذاك إقناع الجنود بالقيام بأنفسهم بتشحيم ورق الخرطوش بالسمن النباتي. راجع موسوعة السياسة: ج 3 ص 423- 424.
(1) حدثت سنة 1942 م، و في عهد الرئيس الأمريكي روزفلت، فانتشرت أكثر من ألف اشاعة في أمريكا سواء كانت تلك الإشاعات نابعة من العداء للطرف الآخر أو الخوف أو الرغبة أو غير المصنّفة، و من ضمن الإشاعات أنّ هاواي سقطت بيد اليابانيين.
(2) كما استخدمت بعض الحوادث في فرنسا و ضخّمت لأجل انتصار مرشح معين للرئاسة ضد مرشح آخر.