في دلالة الأمر على الفور أو التراخي وعدمها
إنّ الواجب ينقسم إلى قسمين : موسّع ومضيّق. فالأوّل ما لا يكون مقيّداً بالزمان ، كأداء الدين غير المؤجّل بأجل ، أو يكون الزمان المضروب على الفعل أوسع منه ، ويكون المكلّف مخيّراً في امتثاله بين الزمن الأوّل والثاني. كصلاة الظهر بالنسبة إلى وقتها.
وأمّا الثاني ، فعلى أقسام :
الأوّل : ما يكون محدوداً من حيث الزمان ، لا يجوز تقديمه ولا تأخيره ، كالصوم الواجب في شهر رمضان.
الثاني : ما يجب فوراً ، ويسقط وجوبه فضلاً عن فوريته لو أخّر. كردّ السلام ، فلو لم يردّ ، عصى ، وسقط الوجوب.
الثالث : ما يجب فوراً ، ولو عصى لسقطت فوريته لا أصله ، كصلاة الزلزلة : فلو عصى وأخّر ، سقطت فوريتها لا أصل وجوبها.
الرابع : ما لا يسقط أصل وجوبه ولا فوريته إذا عصى ، ولكن يجب عليه الإتيان به فوراً ففوراً ، كقضاء الفوائت.
وهذا التقسيم حسبَ الثبوت. وإليك الكلام حسب الإثبات. فهل الأمر يدلّ على كونه مضيّقاً أو موسّعاً أو لا يدلّ على واحد منهما ؟
استدلّ القائل بعدم الدلالة على واحد منهما بالدليل الماضي في مبحث المرّة والتكرار ، وحاصله : أنّ الأمر مركّب من هيئة ومادة ، والثانية دالة على الطبيعة